ـ أيها السادة! لقد فزنا بالانتخابات، و لكننا لم نظفر بنصف المقاعد. فكيف يمكننا أن نحكم و نمرر مشروعنا؟ ألم تعدونا بذلك أيها السادة؟
ـ طبعا أيها الصغير، نحن نعلم ذلك جيدا، نعلم أن كثيرا من الناس يخشونكم و يخشون ما
تخبئون لهم.
ـ لكننا نخبئ لهم الديمقراطية و الخير الكثير، ألم تبشروا بذلك يا سادة العالم؟
ـ أجل طبعا، ههه، لا تخف، لهذا السبب طلبنا أن تدعموا شركاء لكم.
ـ و قد فعلنا و كان لهم الظَفر أيضا. لكننا نختلف في كثير من الامور. انهم مندفعون، لا يعرفون واقع الأشياء، و يريدون اصلاحات ثورية قد تقلب كل نظام هناك و تفقدكم كل سيطرة. يريدون أن يفضحوا كل الفساد و قد يكشفون عن جروح قبيحة جدا، و قد تخرج من قروحها حرب اهلية لا قِبل لنا بها! أعينونا يرحمكم الله!
ـ الرحمة من عندنا أيها الصغير، و نحن لا نريد لرجالنا أن يفتضحوا، و لذلك مكّناكم من السلطة، و ستكون لكم السلطة المطلقة، فلا تبتئس!
ـ أية سلطة هذه التي سنملكها بأقل من 40 بالمائة من الأصوات؟ خبرونا يا سادة!
ـ انتم لا تواجهون 60%، بل تواجهون قبائل متناحرة مشتتة، لا يملك الواحد منهم أكثر من 5% من الاصوات، مختلفون، متهالكون على السلطة، لم يدرسوا بعد طبيعة المرحلة، و لم يستوعبوا فكرة الثورة و لم ينسجموا معها، و لن يفعلوا و لو بعد حين. و لأنهم كذلك فلن يقدروا على مجابهة هيكلتكم التي امضيتم سنين تعدونها.
ـ هذا حق، و لكنهم سيعارضون مشاريعنا، و سيعرقلونها بتفوقهم العدديّ، انهم متعودون على قول "كلا"، و خبراء في المعارضة.
ـ هنا عبقرية الديمقراطية! ستضمون اليكم شركاءكم، و ستعرضون عليهم التحالف، و التحالف يعني أن تأتوا الآخرين بكلمة واحدة و قول واحد تتفقون عليه في ما بينكم، و ستسمون هذا توافقا! ان التحالف مع هؤلاء سيجعلكم أغلبية صريحة و مريحة، و ستعملون ما تشاؤون بسلطة الديمقراطية!
ـ و لكن شركاءنا سيختلفون معنا في البرامج و الرؤى، و سيحاولون فرض أفكارهم!
ـ Bingo! هذا هو الجزء العبقريّ في الديمقراطية! ستمارسونها معهم، في دائرتكم الضيقة، انتم أغلبية ساحقة حينما تجتمعون بشركائكم، و سيرضون طبعا لأنهم ديمقراطيون، و سيتبنون مشاريعكم بكل ديمقراطية، و حفاظا على التوافق، و ايمانا أنهم ـ الحمقى ـ اقلية معكم، سيرضون بقراراتكم، و سيصنعون دون أن يشعروا، الاغلبية التي تنشدون، امام معارضات مشتتة طفلة تتخبط في صبيانياتها.. قاعدة ديمقراطية شهيرة، تنويعا لمبدإ "فرّق تسدّ" الشهير!
ـ يا الله! ان الديمقراطية لعجب عجاب!
ـ و أكثر يا صغيري! ستكبر و تفهم قيمة الديمقراطية، حينما يمارسها الحمقى!